Transferts & Compétences Lettre ouverte رسالة مفتوحة

Lettre ouverte رسالة مفتوحة

إلى السيدة نادية بزندفة

النائبة البرلمانية – حزب الأصالة والمعاصرة

« إِنْ عُدتُم عُدنا »


سيدتي النائبة المحترمة

ترددتُ كثيراً قبل أن أعزم على الرد على ما قرأته في مراسلتكم الموجهة إلى السيد وزير الداخلية، بخصوص الإجراءات التي ستتخذها الوزارة لضمان “المشاركة الفعلية” لأفراد الجالية المغربية من بلدان إقامتهم

أتوجه إليكم، سيدتي، لأنكم طرحتم سؤالاً في غاية الأهمية بالنسبة لي، كمغربي مقيم بالخارج لأكثر من أربعين سنة، وناشط في المجتمع المدني المغربي بفرنسا. فمسألة المشاركة السياسية، وحتى الاجتماعية، للمغاربة المقيمين بالخارج، يكفلها لنا الدستور المغربي الذي صوتنا عليه انطلاقاً من بلدان إقامتنا عبر العالم. لذا، فهو حق لا نقاش فيه، والدولة مُلزمة بتفعيله مهما كلف الأمر. لسنا، كمغاربة، أقل ذكاء أو كفاءة من 115 دولة في العالم التي نجحت في تمكين شريحة من شعوبها من حقها في التصويت والترشيح. لم ننتظر عشرين سنة منذ خطاب الملك في 6 نونبر 2005 لنسمع أن الحكومة تتساءل عن توجهات الرياح وما تشتهيه الجالية أو لا تشتهيه

سؤالكم هذا قد قيل وكتب في شأنه الكثير منذ سنين عدة. كان الأحرى أن يُطرح هذا السؤال من طرف برلماني من المعارضة، وليس ممن يمثل حزبه طرفاً مهماً في الحكومة التي تسهر “بحزم وجد” على تسيير شؤون البلاد. وهذا لا يعني أنني أمنعكم من طرح أي سؤال لوزير أو للحكومة، لأن أصل مهمة أي برلماني هو مراقبة الحكومة عن طريق المساءلات

لكن سؤالكم هذا يُلزم صاحبه الإلمام التام بالإشكالية، وإلا سيُصدم من جراء تداخل آليات ومكونات التنزيل الحقيقي للمسألة. هذا السؤال الذي طُرح، يغلب عليه سِمَتَان متناقضتان بشكل حاد. إما سؤالكم جاء عن حسن نية، ولكن ليس لديكم علم بحيثيات الموضوع من أصله وما ترتب عنه من نقاش، وعلى أقل تقدير منذ الخطاب الملكي السامي في نونبر 2005. وفي هذه الحالة، ننصحكم بالتخلي عنه ولا ننتظر أي نتيجة تُرضينا كجالية في جواب الوزارة المعنية

وإما جاء سؤالكم من باب التحركات السياسوية المعهودة للأحزاب المغربية حين تتوجه في خطاباتها لأفراد الجالية، ولأن الظرفية الحالية تلزمكم التحرك نحو مغاربة الخارج قصد جمع الأصوات في تنافسكم مع الأحزاب المنافسة، كما كان شأن حزبكم في صيف 2013

بين الحالتين، لا مفر لكم إلا أن تُعيدوا النظر في استراتيجيتكم في التعامل مع المسألة الخاصة بالجالية. في اعتقادي، واعتماداً على جميع المحطات التي مرت بها نضالاتنا طوال هذه السنين، يُستحب، حتى لا أقول يجب، أن تستغلوا الفرصة بصفتكم شريكاً جد مهم في الحكومة. إن كانت لديكم الجرأة السياسية الكاملة ووجودكم إلى جانب شريك آخر له نفس الطموح في إيصال صوت ومطالب مغاربة الخارج إلى من يهمهم الأمر (إن بقوا على عهدهم الذي لمسناه منهم أيام وجودهم في المعارضة)، فعليكم أن تتقدموا باقتراح جريء لتفعيل مشاركة مغاربة الخارج سياسياً واجتماعياً، كما نص عليه الدستور في عدة فصول، ليس فقط في المادة 17

فالجالية لا زالت تنادي وتطالب بإلحاح صارم بكافة حقوقها للدفاع عن نفسها، في شخص من سيمثلونها في كل المؤسسات الوطنية، كما دعا له جلالته في خطاب غشت 2012. والجالية تؤدي ما عليها، وصناديق الأبناك شاهدة على ذلك. وإن أحسن وأزكى شاهد هو العاهل المغربي أعزه الله وحفظه وشفاه، حين انتقد كل المؤسسات بدون تمييز وقال بالحرف في خطاب غشت 2022 : “ماذا فعلنا لتعزيز الشعور الوطني لدى مهاجرينا؟” أو حين تساءل: “هل الإطار التشريعي والسياسات العامة القائمة تأخذ بعين الاعتبار خصوصياتهم؟”

إن تساؤلات الملك لم تأت من فراغ، وإنما كانت لتجسد الفراغ الحاصل في إنجازات الحكومات المتعاقبة، شبه المنعدمة

أخيراً، نريد منكم، سيدتي، التعامل مع الإشكالية بمسؤولية، والتخلي التام عن أي تلاعب سياسوي وانتخابي محض. وإن كان الأمر كذلك، فنحن لها من الآن مُقاطعون. نريد منكم، وأنتم تنتمون لحزب يُحترم حين تدعو الضرورة لذلك، أن تُسخروا كفاءاتكم في تحضير مقترح لقانون تنظيمي يتبنى مشاركة الجالية الكاملة، كما نص عليها دستور المملكة، انطلاقاً من بلدان إقامتهم. هذا الاقتراح يُلزمكم التوافق عليه مع حلفائكم في الحكومة، الأمر الذي سيعطيه مصداقية قوية ويحظى بانخراط الأغلبية البرلمانية، مع الاستشارة اللازمة لوزارة الداخلية

هذا ما نسميه بالإرادة السياسية الهادفة والعمل النزيه

ودمتم ذخراً للبلاد

للإشارة فقط : حاولت عدة مرات الاتصال بالسيدة البرلمانية عبر حسابها الفايسبوكي، لكن لا حياة لمن تنادي

محمد حصحاص

ناشط بالمجتمع المدني – فرنسا